الاعتماد على النفس


قيمة الإنسان في ذاته لا في غيره

يقول الفيلسوف جون ستيوارت مل: «قيمة المملكة تتوقف على قيمة أفرادها»، وهي مقولة تختصر حقيقةً جوهرية في الحياة؛ أنَّ قوة الأمم لا تُقاس بعدد قوانينها ولا بعدد مؤسساتها، بل تُقاس بقوة أفرادهــا واستقلال شخصياتهم وقدرتهم على الاعتماد على أنفسهم. فالإنسان الذي يعتمد على غيره يفقد بريقه وشجاعته، أما من ينهض بنفسه ويجتهد بعزيمته، فإنه يصنع مستقبله ويكتب قصته بيده.


إنَّ الاعتماد على النفس هو الأصل في كل نجاح حقيقي، فهو الذي يُقوِّي الإرادة ويُغذِّي روح المثابرة ويُحرِّك في الإنسان طاقاته الكامنة. وما من أمة بلغت القمة إلا حين آمن أفرادها بأنهم قادرون على التغيير من داخلهم، قبل أن يطالبوا بتغيير من حولهم. فالنجاح لا يولد من الحظ، بل من الإرادة، ولا يتحقق بالقوانين فحسب، بل بعمل الأفراد وجهدهم واستقامتهم




الاعتماد على النفس أساس القوة الوطنية


حين يتواكل الناس على الدولة أو ينتظرون من القوانين أن تُصلح أحوالهم، فإنهم يضعون قيودًا على أنفسهم دون أن يشعروا. فالقوانين مهما كانت عادلة لا يمكنها أن تُحوِّل الكسالى إلى مجتهدين، ولا البخلاء إلى كرماء، ولا الضعفاء إلى أقوياء. إنما الذي يفعل ذلك هو الاجتهاد الشخصي والإصلاح الذاتي.
وما الحكومة إلا انعكاس لأخلاق الشعب وسلوكه، فإذا كان الأفراد صالحين مجتهدين، كانت الحكومة صالحة قوية، وإذا كانوا فاسدين أو مهملين، انعكس ذلك على مؤسساتهم. لذلك قيل إنَّ الشعب هو من يصنع حكومته، وليس العكس.


إنَّ الحرية الحقيقية لا يمنحها الحاكم، بل يصنعها الإنسان في داخله. فليس العبد من يستعبده غيره، بل من يُستعبد لهواه وجهله وضعف إرادته. والشعب الذي يتصور أن خلاصه يأتي من الخارج، سيظل عبدًا مهما تبدلت قوانينه. أما الأمة التي تزرع في نفوس أبنائها الاعتماد على الذات، فإنها تضع الأساس المتين لحريتها وتقدمها واستقرارها

حين يتواكل الناس على الدولة أو ينتظرون من القوانين أن تُصلح أحوالهم، فإنهم يضعون قيودًا على أنفسهم دون أن يشعروا. فالقوانين مهما كانت عادلة لا يمكنها أن تُحوِّل الكسالى إلى مجتهدين، ولا البخلاء إلى كرماء، ولا الضعفاء إلى أقوياء. إنما الذي يفعل ذلك هو الاجتهاد الشخصي والإصلاح الذاتي.
وما الحكومة إلا انعكاس لأخلاق الشعب وسلوكه، فإذا كان الأفراد صالحين مجتهدين، كانت الحكومة صالحة قوية، وإذا كانوا فاسدين أو مهملين، انعكس ذلك على مؤسساتهم. لذلك قيل إنَّ الشعب هو من يصنع حكومته، وليس العكس.


إنَّ الحرية الحقيقية لا يمنحها الحاكم، بل يصنعها الإنسان في داخله. فليس العبد من يستعبده غيره، بل من يُستعبد لهواه وجهله وضعف إرادته. والشعب الذي يتصور أن خلاصه يأتي من الخارج، سيظل عبدًا مهما تبدلت قوانينه. أما الأمة التي تزرع في نفوس أبنائها الاعتماد على الذات، فإنها تضع الأساس المتين لحريتها وتقدمها واستقرارها


العمل والاجتهاد… الطريق إلى التقدم

التاريخ يشهد أن الأمم التي نهضت لم تنهض بقرارات حكومية ولا بوعودٍ سياسية، بل بجهود أبنائها الذين آمنوا بالعمل والاجتهاد طريقًا إلى العزة. فمن المزارع الذي يفلح أرضه بإخلاص، إلى الحرفي الذي يُتقن صنعته، إلى المفكر والعالم الذي يسهر من أجل المعرفة — جميعهم يشكلون نسيج النهضة الحقيقية.
فالشعوب لا تُبنى بالأقوال، بل بالأفعال. وكل جيل يبني على ما تركه من سبقه، فإذا اجتهد ضاعف من البناء، وإذا تكاسل انهار ما تم تشييده من قبل



القدوة أعظم من الكلام

القوة الحقيقية للأمم تكمن في القدوة الحسنة. فالتأثير العملي أعمق من أي تعليم نظري. إنَّ رؤية إنسانٍ مجتهدٍ نزيهٍ مستقيمٍ تُلهِم الآخرين أكثر من مئة خطبة أو كتاب. وقد أثبتت التجارب أن التعليم النظري لا يكفي وحده لبناء الإنسان؛ فالمعرفة إن لم تُترجم إلى عمل وسلوك تصبح كلماتٍ جامدة.
كما قال الفيلسوف “فرنسيس باكون”: «إنَّ جل فائدة العلوم أن ترشد الإنسان إلى حكمة فوقها لا تكتسب بالدرس بل بالملاحظة». فالقيمة الحقيقية ليست في كثرة المعلومات، بل في كيفية تطبيقها في الحياة اليومية.


إنَّ القدوة الحسنة تُعلِّم الناس بالصمت، وتدفعهم إلى السعي والتطور دون أوامر. لذلك كانت قصص العظماء والسير الذاتية للمبدعين من أكثر ما يُلهم الناس، لأنها تقدم نماذج حقيقية للاعتماد على النفس، والإصرار على تجاوز العقبات، والارتقاء نحو المجد بالعمل والصبر والعزيمة


أثر الاعتماد على النفس في بناء المجتمعات

الاعتماد على النفس لا يصنع الأفراد فقط، بل يُقيم حضاراتٍ راسخة. فحين يعتمد كل شخص على جهده في العلم والعمل، تتراكم الطاقات الفردية لتكوّن نهضة جماعية. ومن يتأمل مسيرة الأمم المتقدمة يدرك أن وراءها أجيالًا من الرجال والنساء الذين نذروا حياتهم للعلم والإنتاج والإصلاح.

إنَّ الإنجليز – مثلًا – تميزوا عبر التاريخ بقيمة الاعتماد على النفس، حتى صار هذا المبدأ ركيزة في بناء دولتهم. فبينما تُذكر أسماء القادة في ساحات المعارك، يبقى الجنود المجهولون هم من صنعوا النصر الحقيقي. وهكذا في الحياة، فكل من يعمل بإخلاص في صمتٍ له نصيب في بناء وطنه، ولو لم يُذكر اسمه في كتب التاريخ.


إنَّ قيمة الإنسان لا تُقاس بما يملكه، بل بما يُقدمه. ومن يعتمد على نفسه، يصبح مصدر إلهام لغيره، ويزرع فيهم روح المسؤولية والثقة. فالأمم التي تُشجّع أبناءها على العمل والاجتهاد والاعتماد على الذات، تبني أجيالًا لا تعرف الاستسلام، بل تسعى إلى المجد بخطى ثابتة.


نفسك هي قوتك:

إنَّ الاعتماد على النفس ليس مجرد مبدأ أخلاقي، بل هو أسلوب حياة يضمن للإنسان كرامته ويقوده إلى النجاح الدائم. فالذين ينهضون بأنفسهم هم من يصنعون الفارق في مجتمعاتهم، لأنهم لا ينتظرون المساعدة، بل يبدؤون بأنفسهم، ويكونون قدوة لغيرهم.

ومن يجعل من نفسه مصدرًا للعزم والإصرار، لا يحده الفقر ولا تُقيده الظروف، لأن قوته الحقيقية في داخله. فابدأ بنفسك، وكن أنت التغيير الذي تتمنى أن تراه في وطنك، فكل نهضة عظيمة بدأت بإنسان واحد قرر أن يعتمد على نفسه.

















comments